هو الدكتور طالب علي حسن عباس محمد علي من بني خالد ، يرجع نسبه إلى ( دغفل ) وهو أحد أحفاد خالد المخزومي القرشي ، وإليه ينسب الدغافل الذين كانت لهم دولة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية امتدت لأكثر من قرن . والرماحية لقب أطلق على القبائل التي نزحت قبل عدة قرون من الحجاز واستقرت في العراق على ضفاف نهر الرماحية .
وبنو خالد يتواجدون في (بابل ـ النجف ـ كربلاء ـ الكوفة ـ الحلة ـ الديوانية) ورئاسة قبيلة بني خالد في ال الجزار وهم من عشيرة الدغفل التي يتصل نسبها بآل دغيّم من آل عريعر.
ولد الدكتور طالب الرماحي من عائلة متدينة في محافظة النجف الأشرف في خريف سنة 1953 ، توفت والدته وهو لم يبلغ بعد ثمانية عشر شهرا ، وكان لهذا اليتم المبكر أثر كبير في حياته .
أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في النجف الأشرف ، والاعدادية المهنية في كربلاء حيث تخرج منها بتفوق في سنة 1972 .
موهبة مبكرة :
كان ميالاً للأدب والشعر منذ كان طالبا في المدرسة الابتدائية ، وكتب أول قصيدة عمودية وهو في سن العاشرة ، وفي مرحلة الدراسة المتوسطة كان ملازما لمكتبتي الحكيم وأمير المؤمنين في النجف ، ينهل منهما الأدب والفلسفة واللغة ، وكان متأثرا كثيرا بالأدب الروسي ويقرأ كثيرا لغوغول وتشيخوف وبوشكين وليو تولستوي ، ومن الأدباء العرب كان يقرأ الكثير للأدباء المصريين وكتّاب القصة القصيرة العراقيين ، وفي هذه المرحلة كان يكتب بعض القصص القصيرة ، والقصائد الشعرية ، وينشرها في بعض الصحف الأدبية في لبنان .
إضافة إلى شغفه بالأدب كان يمتلك حساً إسلاميا مرهفا وكان متأثرا بشخصية السيد الشهيد محمد باقر الصدر وكان يقرأ له كثيرا .
وفي فترة الدراسة الثانوية في كربلاء ، كان يقرأ ويكتب ولم يكن في وسعه أن ينشر ما يكتبه بسبب سياسة القمع في تلك الفترة ، إلا من قصيدة واحدة كتبها عن فلسطين وقرأها في احتفال أقيم في كربلاء في شتاء سنة 1971 .
الحياة العملية :
عين موظفا في إحدى دوائر الدولة في منتصف سنة 1977 ، إلا أنه ترك الوظيفة بعد ثمانية أشهر فقط مع ما يعانيه من مصاعب مادية ، بعد أن تعرض لمضايقات وضغوط من البعثيين من أجل الانتساب للحزب . وبقي يعمل أعمالاً حرة حتى بدء الحرب المقيتة التي شنها النظام البعثي على أيران أيلول 1980 . وفي تشرين الأول من نفس السنة قرر مغادرة العراق ، إلا انه اعتقل في بغداد ، من قبل أمن النظام وإطلق سراحه بإعجوبة بعد ثلاثة أيام.
كان مطلوبا للنظام البعثي ولم يشارك إطلاقا في الحرب العراقية الإيرانية ، على الرغم من صدور قرار من النظام الصدامي بإعدام الرافضين في المشاركة بها أو الهاربين منها ، ولما أدرك أن بقاءه سوف يعرضه للتصفية كما هو حاصل بشكل مستمر في العراق مع المطلوبين قرر الخروج من العراق بأي ثمن .
الهجرة الأولى من الوطن :
في الثاني من أيلول سنة 1982 خرج من العراق إلى السعودية بصورة غير مشروعة . في رحلة تحفها المخاطر استطاع أن يصل إلى الكويت ومن ثم العبور إلى إيران حيث وصلها في الأول من كانون الثاني سنة 1983 .تاركا خلفه زوجته وثلاثة أطفال أكبرهم عمره ست سنوات
التحق في إيران بحوزة ( والفجر ) التي اسسها حزب الدعوة في مدينة قم لعناصره الذين تركوا معسكر الأهواز بعد أن سلبه الإيرانيون وسلموه للمجلس الإسلامي الأعلى الذي يترأسه السيد محمد باقر الحكيم . وفي هذه الفترة باشر العمل مع حزب الدعوة وكان ناطقه الرسمي وأول رجل فيه آنذاك الشيخ محمد مهدي الآصفي .
التحق بجبهة الحرب مع مجاهدي حزب الدعوة في جبهة ( مريوان ) في حزيران من سنة 1983 ، وأصيب في الجبهة دخل على اثرها المستشفى مدينة مريوان.
بتاريخ 16 تشرين الأول 1983 غادر إيران إلى سوريا ، وعمل هناك ضمن نشاطات حزب الدعوة السياسية والثقافية ضد النظام السابق وكان له حضورا متميزا في أغلب النشاطات الثقافية والسياسية ومنها كلمة اسبوعية على المصلين في صلاة الجمعة قبل بدأ خطبة الصلاة ممثلاً عن حزب الدعوة ، حتى غادر سوريا إلى الهند بتاريخ 22 شباط سنة 1985 بدعوة من وكيل مرجعية السيد الخوئي في ( بومباي ) .
رحلة جريئة :
بتاريخ 31 تموز سنة 1986 دخل إلى العراق في محاولة تاريخية جريئة وفريدة بجوازات سفر غير عراقية وبقي في العراق ستة أيام استطاع بعدها أن يُخرج زوجته وأطفاله الثلاث ، ويذهب بهم إلى السعودية في موسم حج ذلك العام ، وكان قد رتب دخوله إلى العراق عن طريق مطار صدام الدولي أما الخروج فكان عن طريق ( صفوان ) البري مع الكويت . وفي الوقت الذي نجح في مغامرته التاريخية ، أخفق حزب الدعوة في ذات الوقت في عملية مشابهة ، عندما أرسل في مهمة حزبية أحد عناصره الشهيد ( أبو مريم ) بجواز سعودي بصحبة زوجته وابنته ، إلا أن المخابرات البعثية تمكنت من التعرف عليه عند خروجه من مطار صدام الدولي ، وتم إعدامه بعد أشهر قليلة من اعتقاله فيما بقيت زوجته وابنته رهن الاعتقال خمس سنوات قبل إبعادهما إلى إيران .
الهجرة الثانية إلى الغرب :
غادر الهند إلى المملكة المتحدة بتاريخ 2 تشرين الأول سنة 1990 ، ومنح اللجوء السياسي في بداية سنة 1993 ، وفي هذه السنة عاد إلى الهند لمناقشة رسالته لنيل شهادة الدكتوراه وكانت عن حياة وشعر المرحوم الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ، وكان الرماحي قد حصل على شهادة البكلوريوس أثناء تواجده في الهند من الجامعة السلطانية في لكنهو وشهادة الماجستير والدكتوراه من جامعة ( بنارس الهندوسية ) في مدينة فراناسي .
في المملكة المتحدة كان ينشط اجتماعيا في شرق العاصمة البريطانية ، واسس صحيفة ( الرسالة الإسلامية ) وهي سياسية إصلاحية ناقدة . واستمرت بالصدور لغاية 1998 .
وفي 7 كانون الثاني 2003 اسس (مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات في بريطانيا ) ، وله صحيفة ألكترونية بنفس الأسم . وفي بداية دخول القوات الأمريكية إلى العراق شارك في الحملة الإعلامية التي رافقت دخول تلك القوات بالتنسيق مع قناة الكويت الفضائية وإذاعتها .
مابعد سقوط النظام :
في هذه الفترة بدأ نشاط الدكتور طالب الرماحي الإعلامي يتصاعد فقد كان له حضور في أغلب الفضائيات العربية والعراقية والإيرانية ، وكان النمط الإصلاحي الناقد لكل المظاهر السلبية هو الغالب في تحليلاته السياسية من على شاشات القنوات الفضائية ، أما في ميدان الصحافة الألكترونية فكان يقاتل على أكثر من جبهة منها منافحة الفكر الوهابي ونشاطات البعثيين في أوربا ، كما كان له دور واضح في نصرة الشيعة الجعفرية في جمهورية اليمن وإخراج صوتهم للعالم ، حيث تبنى الجانب الإعلامي لمساندة شيعة اليمن ضد تعسف وانتهاكات حكومة علي عبد الله صالح التي تحالفت مع الحكومة الوهابية لإنهاء الوجود الشيعي هناك .
ملف المقابر الجماعية في العراق :
يعتبر الدكتور طالب الرماحي أول من تبنى ونشط في إظهار مظلومية المقابر الجماعية في العراق ، من خلال ( مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات ) وقد بدأ في العمل بهذا الاتجاه الإنساني في سنة 2004 بعد أن رأى استخفافا وإهمالاً واضحا من قبل الحكومات الشيعية ، فمنذ ذلك الوقت بدأ يحضّر لعقد المؤتمر الدولي الأول والذي عقد في 16 أيلول سنة 2006 ، وكان من أكبر الثمار لذلك المؤتمر هو ( اليوم الوطني للمقابر الجماعية في العراق ) والذي يحتفل به في ( السادس عشر من مايس ) من كل عام .
وفي 8 تشرين الأول 2008 تم عقد المؤتمر الدولي الثاني للمقابر الجماعية بالتنسيق مع مؤسسة شهيد المحراب في محافظة النجف الأشرف ، وقد استطاع الرماحي أن يقنع حكومة إقليم كردستان في المشاركة الفاعلة في مؤتمر النجف بوفد ضم أكثر من 55 شخصية سياسية وأكاديمية منها الدكتور برهم صالح ، وكان أول لقاء شيعي كردي تاريخي بهذا الحجم في محافظة النجف .
وفي 17 نيسان 2011 نجح الرماحي بعقد المؤتمر الدولي الثالث في مدينة أربيل بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان . وكان لهذه المؤتمرات الأثر الأكبر في تفعيل ملف المقابر الجماعية وصيانته من الطمس والاستخفاف الذي مارستهما حكومة السيد نوري المالكي والحكومات السابقة .
وللدكتور طالب الرماحي سلسلة حلقات كتب منها لحد الآن 7 حلقات بعنوان ( جرائم ترفض أن تموت ) كشف فيها طبيعة الإهمال والتقصير الحكومي في التعامل مع هذا الملف الإنساني الوطني الكبير ، وتضمنت أهم المقترحات للنهوض بهذه الجرائم وتوظيفها لصالح الشعب العراقي داخليا وخارجيا .
مواقف مبدأية :
بسبب استحواذ الأحزاب السياسية على كل مقدرات الشعب العراقي بعد سقوط النظام الصدامي في نيسان 2003، ولأن طبيعة التحزب تتطلب الموالاة والتبعية والذيلية ، فإن الرماحي وجد نفسه منحازاً للشعب العراقي بعد أن رأى أن الأحزاب والتيارات الحاكمة طفقت تستغفل ذلك الشعب وتنحاز بشكل سافر لمصالحها الشخصية والحزبية ، مما أدخل البلاد في فوضى عارمة من الفساد والخلاف وسرقة المال العام ، ووبسبب نشاطه في محاربة تلك الظواهر السلبية القاهرة فقد حورب من قبل الجهات الرسمية ، لكن إهمال ومحاربة تلك الأحزاب له وخاصة حزب الدعوة لم تغير من مواقفه وقناعاته في أهمية الوقوف بوجه كل من يعمل خارج إطار المصالح العامة للوطن والمذهب وخاصة مصالح الطبقة الفقيرة في العراق ، ولذا فقد تصدى لكل مظاهر الفساد والتستر على رواده وعمليات الاستحواذ على المال العام ، وله في هذا المظمار العشرات من المقالات ومنها سلسلة مقالات ( حزب الدعوة إلى أين ) ، وسلسلة أخرى بعنوان ( جرائم ترفض أن تموت ) و ( منظومة القيم وواقع الفساد في العراق 8 حلقات ) كشف فيها الاستخفاف الحكومي بجرائم المقابر الجماعية ، لقد خسر الرماحي الكثير بسبب هذا النهج ومن ذلك عدم السماح له من قبل الحزب الحاكم في أن يشغل منصبا يمكن من خلاله استخدام مواهبه المختلفة في خدمة المجتمع العراقي والمشاركة في بناء الدولة المدنية التي يطمح لها كل المخلصين ، لكن إيمانه وقناعته بصحة ما يقوم به هوّن عليه كل تلك المتاعب التي تقف بوجهه في إداء دوره الديني والوطني والإنساني .
المشاريع في العراق :
أول مشروع للرماحي في العراق هو ( مؤسسة رعاية اليتامى في العراق ) اسسها في مدينة النجف الأشرف ( حي الجمهورية ) في كانون الأول سنة 2003 ، وتمكنت هذه المؤسسة من تقديم المساعدات إلى المئات من عوائل اليتامى ، كما أنشأ مركز عباديا في منطقة ( كري سعدة في الكوفة ) اسماه ( حسينية الزهراء عليها السلام ) حيث أن هذه المنطقة لايتوفر فيها مسجدا مع كثافة السكان فيه .
لكن من أكبر ما أقدم عليه هو بناء ( مسجد ومجمع الإمام زين العابدين الثقافي ) في ( حي الغري ) بمدينة النجف الأشرف ، وهذا المركز العبادي الثقافي الكبير أنشأ على مساحة 400 متر مربع يمتلكها الرماحي وتبرع بها للصالح العام ، ويتكون المشروع من طابقين الأرضي مسجد وقاعة محاضرات أما الطابع الأول فيتكون من مركز ثقافي سيكون منطلقا لفعاليات إصلاح اجتماعية وخدمية ولنشر الوعي الديني والسياسي والاجتماعي . حيث سيكون هذا المكان مركزا لإدارة أكثر من جمعية يراد من خلالها تحقيق الأهداف الإلهية المرسومة بعون الله .
الآثار الثقافية :
1) مجموعتان قصصيتان ( ثمن الصمت ) طبعت في 1993 و ( زهرة من قرى العراق ) طبعت في 1996 .
2) رسالة دكتوراه عن المرحوم شاعر أهل البيت الشيخ عبد المنعم الفرطوسي – تحت الطبع .
3) رواية بعنوان ( الخروج من خاصرة الوطن) وهي تحكي بإسلوب أدبي رفيع رحلته إلخطيرة التاريخية إلى العراق في سنة 1986 – تحت الطبع .
4- سلسلة بحوث بعنوان ( منظومة القيم وواقع الفساد في العراق ) 8 حلقات .