313
العراق الجديد – بغداد – فراس الكرباسي:
حذر خطيب وامام جمعة بغداد السيد رسول الياسري في خطبة الجمعة، من طرد الاسلام من مسرح الحياة وتسيد النعرات القومية والتكتلات الحزبية والمصالح الأنانية، واصفاً الذين ينادون اليوم بالتكنوقراط من الجهات السياسية وغيرها لم يساندوا ذلك المشروع حين طرحه المرجع اليعقوبي قبل 9 اعوام وبالتحديد في عام 2007 وبآليات في غاية من الاتقان والعصرية، منتقداً تصريحات بعض الكتل السياسية والمسؤولين الحكوميين بان القوات المسلحة غير قادرة على حفظ الامن في ظل المطالبات بالإصلاح، داعياً القوات المسلحة والحشد الشعبي بأن ينئوا بأنفسهم عن أي تصريح، مطالباً القوى السياسية بترك المماطلة ألتي لا تجلب إلا مزيدا من الاحتقان لدى المواطن المظلوم وتدخل البلاد في مزيد من الفوضى.
وقال السيد رسول الياسري من على منبر جامع الرحمن في المنصور ببغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، إن ” تعيش أمتنا الإسلامية في هذا العصر وضعا مأساوياً متردياً جدا فالإسلام الذي هو مبعث نهضة الأمة ومصدر حيويتها وكرامتها قد طرد من مسرح الحياة وسجن في زوايا الكتب وصدور العلماء وحوصر في حدود التقاليد والعادات والطقوس وتسيد للأسف الاستعمار والنعرات القومية والتكتلات الحزبية والمصالح الأنانية وهي لا تزال تمعن في تمزيق جسم الامة وتقطع أشلائها كما ان البؤس والفقر هما سمة الشعوب الإسلامية مع ما تملك من ثروات طائلة وأراضي خصبة معطاءة ، كما ان التخلف الشامل يلف كل جوانب حياة الأمة ، والميوعة والفساد والانحراف أصبح المصير الذي ينتظر أبناء الأمة واجيالها المقبلة ، والاستبداد السياسي والقمع والإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة الحريات هي عناوين واقع حياة أغلب الشعوب الإسلامية”.
واضاف الياسري “وإزاء هذا الواقع المؤلم الذي نعيشه لو تصفحنا مواقف الناس من أبناء الأمة لوجدناها تتمثل في المواقف التالية اوله موقف اللامبالاة وهو الموقف الذي يضم غالبية أفراد الامة حيث لا يتعدى تفكير كل فرد حدود نفسه ومصالحه الذاتية ولا يهمه آلام أمته ومآسي وطنه وأوضاع مجتمعه والموقف الثاني هو الاهتمام السلبي وهنا قسم من الناس يدركون مدى التخلف والانهيار العميق الذي تعيشه الامة ويتألمون للأوضاع المأساوية التي تعاني منها الامة ولكنهم يلقون بالمسؤولية على عاتق الغير ولا يرون لأنفسهم نصيبا في تحمل مسؤولية ما يجري ولا يلزمون أنفسهم بالقيام بأي دور تغييري”.
وتابع الياسري ” اما الموقف الثالث فهو موقف المسؤولية وهنا يعتبر الانسان نفسه مسؤولا عما يحدث ويرى نفسه مطالبا بالقيام بدور ما لإصلاح الواقع المعاش وهذا الموقف الواعي تفرضه عدة حقائق أهمها ان الهدف من وجود الانسان هو خلافة الله سبحانه في الارض وضرورة تطبيق الدين ومن هنا نعرف أن مسؤوليتنا تتعدى حدود الالتزام الفردي بالإسلام إلى مسؤولية التغيير الاجتماعي والاصلاح العام وفق مبادئ الاسلام وهو ما تحدده المرجعية الدينية في زمن الغيبة الكبرى”.
وبين الياسري “لابد من ألفات أنظار الشعب العراقي بان الذين ينادون اليوم بالتكنوقراط من الجهات السياسية وغيرها لم يساندوا ذلك المشروع حين طرحه المرجع اليعقوبي قبل 9 اعوان وبالتحديد في عام 2007 وبآليات في غاية من الاتقان والعصرية تجدونه في الجزء الخامس من خطاب المرحلة بعنوان: (كيان جامعيون) وقد لخص اهداف المشروع على محورين الاول (الوطني) والثاني (الجامعي) “، موكداً بان انقاذ البلد لا يكون الا من خلال مشروع وطني ليس فيه مكان للطائفية والعرقية وأي انتماءات أخرى ، والجامعيون محط إجماع وطني حيث تذوب داخل أسوار الجامعات والمعاهد كل الانتماءات وتلتقي كل القوميات والاديان والمذاهب ويتلاحم الجميع في بوتقة واحدة ولم تبتلى إلى الآن بالتخندق الطائفي والعرقي إلا بعض الخروقات البسيطة ولأن العراق بحاجة إلى أعمار وبناء وتخطيط وتنفيذ بعد أن أنهكه القتل والخراب ، وهذا الجهد إنما يقوم به الجامعيون حيث تحتضن الجامعات الخبرات والكفاءات والعقول المبدعة والمخلصة ، وإن أي بلد يريد التقدم والازدهار لابد أن يعطي لهذه النخبة من التكنوقراط وغيرهم دورها الفاعل في التخطيط ورسم الاستراتيجيات والتنفيذ وإن من الأسباب المهمة لما يعانيه البلد اليوم إهمال هذه الشريحة وعدم الاعتناء بدورها”.
واردف الياسري “اما المحور الثاني فهو الجامعي لأن لأساتذة الجامعات وادارييها ومهنييها وطلبتها مطالب واستحقاقات أكثروا من المطالبة بها ولم يصغ إليهم أحد ولو كان لهم حضور فاعل في الأروقة السياسية لانتزعوا هذه الحقوق من دون منة لأحد وقد أوضح المرجع اليعقوبي بعض هذه الاستحقاقات وبين الخطوات العملية ﻹعلان المشروع مشدداً على عدة نقاط لإنجاحه منها ان يكون عمل الكيان خارج أسوار الجامعات لكي يقطع الطريق على من يريد تسييس الجامعات وإغراقها في الفتن والتحزبات وان الكيان كما هو واضح أقرب في عمله إلى مؤسسات المجتمع المدني لكنه لا يمنع من أن يكون له نشاط سياسي عندما تتوفر الفرصة له ليعزز وجوده ويتمكن من تحقيق أهدافه وان الكيان ينفتح على الجميع ومعاييره المعتمدة هي الكفاءة والنزاهة والإخلاص والوطنية ولكن التقصير تم أيضا من قبل الاحبة الجامعيين لأنهم لم يستمروا بمشروعهم وكذلك من الأمة التي لا تستمع للقيادة الكفؤة العالمة بمجريات الأمور القادرة على إعطاء الحلول المناسبة والمبكرة ولا يعد مشروع جامعيون ناسخا للحل المطروح قبل عدة أيام من قبل المرجعية الدينية الرشيدة “.
وكشف الياسري ان “المراقب للمشهد العراقي يجده مشوشا ومربكا من جميع النواحي وعلى جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمني وغيرها وما يزيد المشهد تعقيدا تصريحات الكتل السياسية والمسؤولين الحكوميين، ومن تلك التصريحات قول أحدهم بان القوات المسلحة غير قادرة على حفظ الامن في ظل المطالبات بالإصلاح ، وهنا نوجه خطابنا إلى أبنائنا في القوات المسلحة والحشد الشعبي بأن ينئوا بأنفسهم عن أي تصريح ومن أي جهة كانت والانشغال بالمعارك الدائرة حتى تحقيق النصر”وطالب الياسري الحكومة أن “تزيد من جهدها في محاربة الإرهاب وبذل كل ما من شأنه تحرير المناطق المحتلة من قبل داعش لإنقاذ العوائل المحاصرة وإعادة النازحين إلى ديارهم آمنين وكي تكون أحدى الخطوات في طريق الحل للتمهيد لانتخابات مبكرة لأنه الحل الأمثل في الوقت الراهن وكذلك استثمار الوقت لإيجاد مفوضية مستقلة تزامنا مع تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ حق الناخب باختيار ممثليه”.
ووجه الياسري خطابه للقوى السياسية مطالبهم ترك المماطلة ألتي لا تجلب إلا مزيدا من الاحتقان لدى المواطن المظلوم وتدخل البلاد في مزيد من الفوضى وعلى جماهيرنا وبالذات النخب منها اقناع الشارع بتوضيح أهمية تطبيق الخطوات آنفة الذكر وعلى الجماهير المؤمنة أن تضغط على ممثليها في البرلمان بالعمل بهذا الحل وهو الأفضل كما بينا.